تشكل المسؤولية المدنية أحد أركان النظام القانوني والاجتماعي. فكل إنسان عاقل مسؤول عن أعماله، أي ملتزم بموجبات معينة تجاه الغير، أهمها عدم الإضرار به. فإذا خرق هذه الموجبات التزم بإصلاح الضرر والتعويض على المتضرر. وكلما تقدمت الحياة المعاصرة في ميادين النشاط المهني والتقني والصناعي والتجاري، وكلما أصبح باستطاعة المواطن استعمال الآلة والسيارة ووسائل الإنتاج الصناعي والزراعي والنقل والإتصال، كلما أصبح أكثر تعرضا لإحداث الضرر للغير لما تحمله هذه الوسائل من مخاطر، مما يطرح موضوع التعويض عنه.
فالعالم المعاصر يعيش عصرا يتصف بالمادية، يسعى الفرد ضمنه ودوما إلى تحسين أوضاعه المالية والمادية، مما يحمل البعض على المطالبة بالتعويض عن أي حادث طفيف يسبب له ضررا ماديا وحتى معنوياً، والدليل على ذلك الدعاوى الرامية إلى طلب التعويض عن فقدان متع الحياة والرياضة والموسيقى والهوايات الأخرى في حال حرمت منها الضحية نتيجة لحادث أصيبت به، وكذلك الدعاوى الرامية إلى التعويض عن الألم الذي يشعر به الإنسان من جراء حادث يحصل لقريب أو عزيز عليه، هذا يعني أن المعيار السائد في حياة الإنسان أصبح معياراً مادياً حتى أن الشعور الإنساني أصبح يقاس به